AL HOC EIMA CITY °°°°° 100 %°°°°° YOU

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
AL HOC EIMA CITY °°°°° 100 %°°°°° YOU

JE SUIS MUSULMAN ET JE LE RESTE I AM MUSLIM AND I CONTINUE


    ظهرة انحراف الشباب

    ITHRI ayoub NARIF
    ITHRI ayoub NARIF
    super admin
    super admin


    المساهمات : 32
    تاريخ التسجيل : 04/12/2010
    العمر : 31
    الموقع : al hoceima

    ظهرة انحراف الشباب Empty ظهرة انحراف الشباب

    مُساهمة  ITHRI ayoub NARIF الجمعة ديسمبر 10, 2010 8:20 am

    أسباب انحراف الشباب:13:

    أولاً ما معني الانحراف

    الانحراف لغة : هو الميل والعدول والمجانبة..
    واصطلاحاً: هو الابتعاد عن المسار المحدد، أو هو انتهاك لقواعد ومعايير المجتمع، ووصمة تلصق بالأفعال أو الأفراد المبتعدين عن طريق الجماعات المستقيمة داخل المجتمع أو هو انتهاك القواعد الذي يتميز بدرجة كافية من الخروج على حدود التسامح العام في المجتمع
    أما الانحراف في الشريعة: فهو مجانبة الفطرة السليمة وإتباع الطريق الخطأ المنهي عنه دينيا، أو الخضوع والاستسلام للطبيعة الإنسانية دون قيود..
    والشخصية المنحرفة في نظر الشارع المقدس: هي من يقوم صاحبها بعمل يفسد النظام ويحول دون تطبيقه على واقع الحياة مما يلحق الضرر بالمصلحة الفردية أو الاجتماعية أو كليهما.
    وإن كل الظواهر السلوكية الخاطئة هي ثمرة الجهود المبذولة لتحطيم الإنسان وسلب عقله وفكره وفطرته للسيطرة على إنسانيته..
    (إنا خلقنا الإنسان من نطفةٍ أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً * إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفورا) (الإنسان:2-3).
    خلق الله الإنسان من نطفة أمشاج (خلائط)، فخلقه من المادة والروح، وأعطاه إرادة الصلاح والفساد (أي القدرة عليهما)، وجعله ممتحناً مبتلى، وبإرادته يختار الخير أو الشر، يختار الاستقامة أو الانحراف..
    والأصل في الفطرة الإنسانية الاستقامة وليس الانحراف، والصلاح وليس الفساد، فالإنسان بفطرته يميل إلى الاستقامة والصلاح، وبطبيعته ينشد إلى الشهوات، واختياره الفطرة أو الطبيعة منوط بإرادته..
    والانحراف مخالف للفطرة والعقل ولكنه ليس مخالفاً للإرادة والطبيعة الإنسانية، وبالانحراف يخلد الإنسان إلى الأرض، وبالاستقامة يملك قدرة العروج إلى درجات الملائكة، ويأخذ به السمو الروحي والإيماني إلى أعلى الدرجات، وتلك هي فطرة الله التي فطر الناس عليها.

    دوافع الانحراف
    1- النفس الأمارة بالسوء..
    قال تعالى: (ونفسٍ وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها * قد أفلح من زكاها * وقد خاب من دساها) (الشمس: 7-10).
    (وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفورٌ رحيم) (يوسف: 53).
    تلعب النفس دوراً بالغ الأهمية في تحديد سلوك الإنسان واستجابته للمؤثرات، مما يجعل قوة الشخصية في اتباعها لنور العقل والفطرة، وضعفها عندما تستسلم للطبيعة الإنسانية والشهوات، ففي رواية عن سعيد بن هلال قال: كان رسول الله (ص) إذا قرأ: (قد أفلح من زكاها)، وقف ثم قال: اللهم آت نفسي تقواها، أنت وليها ومولاها، وزكها فأنت خير من زكاها..
    وقد جاء في تفسير الشيخ الطبرسي (مجمع البيان ج10 ص755) في تفسير الآية: (فألهمها فجورها وتقواها) أي عرّفها الفجور والتقوى وزهدها في الفجور ورغّبها في التقوى..
    وعن ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك: قيل علمها الطاعة والمعصية لتفعل الطاعة وتذر المعصية، وتجتني الخير وتجتنب الشر..
    وجاء في الحديث: إن النفس لجوهرة ثمينة، من صانها رفعها، ومن ابتذلها وضعها..
    وفي مناجاة الشاكرين نجد مولانا سيد الساجدين علي بن الحسين(ع) يقول: (إلهي إليك أشكو نفساً بالسوء أمارة، وإلى الخطيئة مبادرة، وبمعاصيك مولعة، ولسخطك متعرضة، تسلك بي مسالك المهالك، وتجعلني عندك أهون هالك، كثيرة العلل، طويلة الأمل، إن مسها الشر تجزع، وإن مسها الخير تمنع، ميالة إلى اللعب واللهو، مملوءة بالغفلة والسهو، تسرع بي إلى الحوبة، وتسوفني بالتوبة).
    فالنفس تشكل قوة ضاغطة لجر الإنسان في متاهات لا حصر لها، وهي العدو الأول الذي يواجهه الإنسان ويجد الضغوط الكبيرة منه على نفسه للانحراف، وتكون الطامة الكبرى عندما يتجرد الإنسان من نور العقل، فتكون هذه النفس عامل إضرار وهدم لا نفع وبناء، ولذا فلا خيار أمام الشخصية السوية سوى مواجهة النفس بقوة الإرادة، والوقوف أمامها لتهذيبها وتزكيتها، وبذل الجهد للانتصار عليها، والعزوف عن الدنيا..
    2- اتباع الشهوات..
    التعريف اللغوي للشهوة: هي الرغبة الشديدة والقوة النفسانية التائقة للملذات المادية، وتأتي الشهوة حيناً بمعنى: الهوى، وحيناً آخر بمعنى: اللذة، وكلاهما يؤدي إلى نفس المعنى، فاتباع الشهوات يؤدي إلى انحراف الشخصية، لأن الشخصية المريضة العاجزة عن إخماد هيجان النفس واندفاعاتها، تبقى ضعيفة حبيسة بين أشراك النفس حتى تستسلم لضغط الهوى بسبب ضعف الإرادة، وانعدام الضمير اليقظ، مما يجر الشخصية للانحراف..
    قال الله عز وجل: (أفرأيت من اتخذ الهه هواه وأضله الله على علم) (الجاثية: 23).
    وقال عز وجل: (زين للناس حبُ الشهوات من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والأنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب) ) (آل عمران: 14).
    وقال عز وجل: (وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى)(النازعات).
    وجاء في الأحاديث الشريفة:
    (الهوى قرين مهلك).. و(الهوى أعظم العدوين).. و(من تسرع إلى الشهوات تسرعت إليه الآفات).. و(الشهوات سمومات قاتلات).. و(أوصيكم بمجانبة الهوى، فإن الهوى يدعو إلى العمى، وهو الضلال في الآخرة والدنيا).. و(إنك إن أطعت هواك أصمك وأعماك وأفسد منقلبك وأرداك).
    وعن الإمام علي (ع) قال: (رحم الله امرءاً نزع عن شهوته، وقمع هوى نفسه، فإن هذه النفس أبعد شيء منزعاً، وإنها لا تزال تنزل إلى معصية في هوى).
    وعنه (ع) أيضاً: (رحم الله امرءاً كابد هواه، وكذب مناه).
    وجاء في الحديث: (أوحى الله إلى موسى بن عمران: أذكر أنك ساكن القبر فيمنعك ذلك عن كثير من الشهوات).. ويقول الإمام علي (ع): (اذكر مع كل لذة زوالها، ومع كل نعمة أثقالها، ومع كل بلية كشفها، فإن ذلك أبقى للنعمة، وأتقى للشهوة، وأذهب للبطر، وأقرب للفرج، وأجدر بكشف الغمة، ودرك المأمول)..
    3- الخضوع لنداء الشيطان..
    إن المفهوم القرآني للعلاقة مع الشيطان هي العداوة (إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا) (فاطر: 6).. وقال عز وجل: (إن الشيطان للإنسان عدو مبين) (يوسف: 5).. وقال عز وجل: (إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدواً مبيناً) (الإسراء: 53).
    يواجه الإنسان ضغط النفس ومحاولة ميلها عن جادة الصواب، وانزلاقها إلى الطريق المنحرف، فيزداد ويشتد ضغط الغرائز عليها فيخضع الإنسان للاستجابة، فيتبع الهوى ثم يأتي دور الشيطان ليزداد الضغط ويبقى الإنسان في طريق الانحراف والغواية، قال تعالى: (كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير) (الحج: 4)..
    إن الحقيقة الواضحة هي إن الشيطان يبذل كل ما في وسعه لإضلال الإنسان وإذلاله وإسقاطه في وحل الخطيئة بسبب عداوته له، يقول الله عز وجل: (قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين) (الأعراف: 16-17).
    إن مهمة الشيطان الوحيدة هي إغواء البشر عن الصراط المستقيم وإضلالهم عن معرفة نور الحق، ورصد كل خطوات الإنسان للمكر به وإبعاده عن هدى الاستقامة، فهو يصور الباطل حقاً، ويزين القبيح من الأعمال، ويلبس الحق بالباطل فيصحح الأعمال الخاطئة ويخطئ الأعمال الصحيحة، ويفلسف الأشياء بأسلوب ملتوٍ من أجل غواية البشر..
    إن حركة الشيطان ليست حركة ساكنة بل هي متحركة وفاعلة، تتفاعل في أذهان البشر وفي خواطرهم وأعمالهم، وتحوم حولهم ولا تزول عنهم حتى تراهم ساقطين في بحر الخطايا، لكن الشيطان ليس قدراً على الإنسان لا يمكن قهره، فبالإرادة والصمود في مواجهة النفس وكبح الشهوات واستخدام العقل، سلامة من كيد الشيطان.. يقول الله تعالى: (إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون) (النحل: 99)..
    وقال رسول الله(ص): (ألا أخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما تباعد المشرق عن المغرب؟.
    قالوا: بلى يا رسول الله.. فقال (ص): الصوم يسوِدُ وجهه، والصدقة تكسر ظهره، والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح يقطع دابره، والاستغفار يقطع وتينه).. وجاء في الروايات: (إن إبليس قال خمسة ليس لي فيهم حيلة وسائر الناس في قبضتي:
    أ) من اعتصم بالله عن نية صادقة واتكل عليه في جميع أموره..
    ب) ومن كثر تسبيحه في ليله ونهاره..
    ج) ومن رضي لأخيه المؤمن ما يرضاه لنفسه..
    د) ومن لم يجزع على المصيبة حتى تصيبه..
    هـ) ومن رضي بما قسم الله له ولم يهتم برزقه..


    أسباب انحراف الشباب

    هناك جملة عوامل وأسباب تعمل منفردة ومتظافرة في حرف الشباب عن خطّ السير ، أو منهج الإسلام الصحيح . وأهمية معرفة هذه الأسباب تنبع من أن ذلك يعدّ تمهيداً ومدخلاً لمعالجتها ومكافحتها والقضاء عليها . ومن بين هذه الأسباب :
    1 ـ تراجع دور الأُسرة :
    كانت الأسرة وما تزال حجر الأساس في العملية التربوية ، وإذا كان دورها قد تراجع((1)) في الآونة الأخيرة ، فلأ نّها هي التي فسحت المجال لغيرها من الوسائل أن تأخذ مكانها ، بدلاً من أن تكون بمثابة أياد مساعدة لها في دورها الأساس .
    «لقد قامت بعض الدول كالصين والاتحاد السوفيتي (قبل انهياره) بتكوين منظمات معلنة ومؤسسات غير معلنة لأداء دور الأسرة ليتمكنوا من نقل القيم التي يريدونها هم ، لا الأبوان ، إلى الأطفال ، وأهم ما استند إليه هؤلاء في الإقدام على عملهم هذا أنّ المربين ذوي
    الخبرة والتجربة ، هم أقدر على نقل هذه القيم إلى الأطفال من الوالدين الذين تعوزهم التجارب والخبرات وخاصة الأميّين منهم»(2) .
    التجربة أثبتت فشل هذه المحاولات حيث كان للفصل بين الأطفال والوالدين تبعاته الثقيلة وثماره المرّة ، لكنّ المجتمعات المعاصرة راحت توكل جانباً أو جوانب من دورها المعهود إلى مؤسسات أخرى قد تكون منافسة لكنّها قطعاً ليست بديلة .
    إنّ انشغال الأب أو الأبوين في العمل خارج المنزل طوال النهار سوف يؤثر على مستوى تربيتهما ومتابعتهما لأبنائهما وبناتهما ، مما يفتح الباب لدخول الانحراف بلا صعوبات لا سيما إذا كانت خلفيات الأبناء والبنات هشّة ، أي لم يبذل الوالدان الجهد المطلوب في إعدادهم وتربيتهم لتحمل مسؤولياتهم ووعيهم لمخاطر الانحراف وآثاره .
    العديد من الدراسات الميدانية التي أجريت على شرائح وعينات من الشبان والفتيات أودعوا السجن بسبب انحرافهم وجرائمهم ، أثبتت أن انصراف الأبوين أو انشغالهما كان أحد أهمّ ، بل لعلّه أوّل الأسباب ، التي جعلتهم يصلون إلى ما وصلوا إليه .
    إنّ المشاكل التي تعصف بالأسرة ، والنزاع الدائر بين الوالدين وعدم اتفاقهما على كلمة سواء في تربية الأبناء ، أو ما يشهده البيت من التصدّع المستمر ، يجعل الأبناء إمّا انطوائيين ، وإمّا أن يهربوا من البيت ليرتموا بأحضان الأصدقاء قليلي التجربة ، وربّما استغلّ هؤلاء الظروف البيئية التي يعاني منها هذا الشاب وتلك الفتاة لدفعهما في طريق الانحراف .
    أمّا إذا كان الأبوان منفصلين ويعيش الأبناء إمّا تحت رحمة أمّ جديدة ، أو في اجواء الطلاق النفسية التي تخيِّم بظلالها القاتمة على نفوس الأبناء والبنات ، فإنّ ذلك يكون دافعاً آخر إلى الانحراف لانعدام الرعاية والمراقبة ، والحرمان من العطف والحنان والتوجيه السليم .
    وما ينبغي الالتفات إليه هنا ، هو أنّ بعض الأسر تعمل ـ وبغير قصد في أكثر الأحيان ـ لدفع فلذات أكبادها للانحراف ، إذا أساؤوا التصرف معهم فبدلاً من أن يكونوا الصدور المفتوحة ، والعقول المفتوحة ، والآذان المفتوحة التي يركن إليها الأبناء والبنات في الحاجة إلى المشورة وبث الهموم والتعاون في حل المشكلات ، يكونون غرباء عن أبنائهم ، أو لا يشعرون بالمسؤولية إزاءهم سوى مسؤولية الإطعام والإكساء ، حتى إذا وقع الابن أو البنت في مشكلة عويصة ، أو انزلقا إلى منحدر خطير ، صرخ الوالدان كمن أفاق من نومه فزعاً : ماذا هناك ؟ لم نكن أبداً نتوقع ذلك !
    وقد لا تكون الصدمة جرّاء انحراف أحد الأولاد ، وإنّما جرّاء الحرج الشديد الذي يمكن أن يسبّبه انحرافه في الوسط الاجتماعي الذي سيطلع على ذلك .
    إن تراجع دور الأسرة واضح وخطير ، فالأم التي كانت تتولى تربية ابنتها لتكون زوجة صالحة ، وأمّاً صالحة ، تترك لها اليوم أن تتلقى ذلك من الروايات والقصص والأفلام والمسلسلات التي تخرّج جيلاً أقل ما يقال عنه أنّه هجين .
    2 ـ تراجع دور المدرسة :
    ينصبّ اهتمام المدارس اليوم على العلم والتعليم أكثر من التربية والتهذيب ، وإذا كان ثمة اهتمام بهذه الأمور فثانوي ، أو يطرح بشكل أكاديمي أيضاً ، أي ان دروس التربية والأخلاق شأنها شأن دروس الكيمياء والفيزياء تعطى للطالب للاختبار فقط .
    المدرسة هي البيت الثاني والمحضن الآمن المهم بعد الأسرة ، فإذا تراخت أو تراجعت عن أداء دورها ورسالتها فإنّ الكارثة محدقة . وإذا افتقد الطالب الشاب أو الطالبة الشابّة لدور الموجّه الحقيقي والمرشد الناصح والمسدّد الأمين ، ولم يشعر ذاك أن معلمه أب وهذه بأن معلّمتها أمّ ، فإنّ ساحة المدرسة تتحول من ساحة للبناء والتربية إلى ساحة للانحراف والضياع وتبادل الخبرات المتدنيّة والسيِّئة والمخلّة بالآداب .
    وإذا كانت المدرسة مختلطة فالسوء أعظم والخطر أكبر .
    3 ـ ضعف الوازع الدينيّ :
    قد ينحدر الشاب أو الفتاة من أسر متديّنة لكنهم ينحرفون ، لأنّ التديّن لدى بعض الأسر المسلمة أوامر ونواه وقواعد عسكرية صارمة ، وليس طريقاً لبناء الشخصية القوية الملتزمة العاملة التي تقف بوجه الانحراف فلا تتداعى أمامه ، بل تساهم في إزاحته عن الطريق .
    ولذا قلنا ضعف الوازع الديني ، فهؤلاء متدينون لكنّ انحرافهم وعدم شعورهم بالتأنيب يدلّل على أنّ الدين لم يرتكز في نفوسهم كوعي وطاقة ومناعة ، وإنّما هو مجرد فرائض وواجبات وخطوط حمر وعقوبات .
    ولو أ نّك أجريت دراسة ـ والدراسات التي في هذا المجال كثيرة ـ بين عيّنات شبابية (فتيان وفتيات) لرأيت أنّ الانحراف بين أبناء وبنات الأسر غير المتديّنة أو غير الملتزمة دينياً أكبر بكثير ، إذ مما لا شكّ فيه أنّ الدين عامل حيوي من عوامل التحصين وغرس الوازع الديني إذا أحسن الأبوان تقديمه إلى الأبناء ليس في المحتوى فقط وإنّما بأسلوب العرض أيضاً .
    4 ـ وسائل الإعلام :
    وسائل الإعلام اليوم أكثر المؤسسات المهتمة في حرف الشباب عن طريق الإيمان والأخلاق . ويأتي في المقدمة من هذه الوسائل (التلفاز) الذي يمثّل ـ في حال عدم تقنين المشاهدة ـ الخطر اليوميّ الداهم الذي يعيش في البيت كفرد من أفراد الأسرة ، والذي يحتل أحياناً موقع المعلّم للعادات الغريبة والسيِّئة التي يجتمع الصوت والصورة واللون على تشكيل رسالته .
    إنّ رسالة الإعلام ليست نزيهة ـ في الأعمّ الأغلب ـ لأ نّها رسالة موجهة ، وهي تختبئ في مكان ما في هذا البرنامج أو هذا الإعلان أو تلك المسلسلة أو هذا الفيلم ، أو هذه الاستعراضات .
    وقد تكون الرسالة واضحة صريحة لا تلبس قناعاً أو تتستر بشيء ، والمشكل المريب أن أكثر البرامج المخصّصة للشباب تعمل على بلورة الشخصية الانحرافية لديه .
    الدراسات الجنائية كشفت عن أنّ أحد أسباب السرقة والعنف هو مشاهدة الأفلام التي يتفنّن فيها السارقون باقتحام المنازل والبنوك ، وأنّ أحد أسباب الدعارة والخلاعة هو الأفلام الهابطة وعرض الأزياء والحفلات الماجنة . وإن سبباً مهما من أسباب السكر والتدخين وتعاطي المخدرات هو ظهور ممثلين ونجوم سينمائيين يزاولون ذلك وهم في حالة انتشاء . وأنّ أحد دوافع الهجرة والتغرب هو ما يكشفه التلفاز من فوارق طبقية صارخة بين الطبقات الدنيا والمتوسطة وبين الطبقة الثرية المرفهة التي تعيش البذخ والرفاهية وتحوز على أثمن المقتنيات من القصور والسيارات وتجتذب إليها أجمل نساء المجتمع .
    تكرار أمثال هذه اللقطات ـ والتكرار أسلوب إعلامي ـ يعمل كمنبّه أو كجرس يقرع بشكل دوري لمخاطبة الغريزة أو ما يسمّى بالعواطف السفلية لدى الشبان والفتيات ، فلم يبق شيء يرمز إلى الحياء والعفّة والالتزام إلاّ وهتك التلفاز أستاره .
    خطورة المنحى الإعلامي تأتي بالدرجة الأولى من أسلوب العرض المشوّق والجذّاب والمغري للدرجة التي تنطلي فيها الرسالة الإعلامية على المشاهد فلا يلمسها أو يقتنصها لأنّه يسترخي ويسترسل أمام التلفاز فلا يحاكمه ولا ينتقده إلاّ نادراً ، فالمشاهد ـ يستقبل مواد البث التلفازي كمسلّمات ، الأمر الذي يزرع في وعيه أو لا وعيه ثقافة السرقة والعنف والغش والخداع والتهالك على المادة وشرب الخمر والدخان والمخدرات .
    وما يقال عن التلفاز يقال عن وسائل الإعلام الأخرى بدرجة أقلّ ، إذ يبقى التلفاز أشدّ خطورة من الصحف والمجلاّت والإذاعة وغير ذلك ، لأ نّها إمّا سمعية أو بصرية ، أمّا التلفاز فسمعي بصري والسمع والبصر إذا اجتمعا كانا بوابتين للتلقي غير المحسوب .
    وباختصار ، فإن كلّ هذه الوسائل تسرّب وتشيع العديد من القيم الهابطة والدخيلة والمضلّلة وإن بدرجات متفاوتة .
    5 ـ الفراغ والبطالة :
    ذلك الشاعر الذي اعتبر (الفراغ) أحد الأسباب المؤدية إلى
    الانحراف والفساد ، كان قد وضع أصبعه على مشكلة أو مدخل مهم من مداخل الانحراف :
    إنّ الشبابَ والفراغ والجدة***مفسدة للمرء أيّ مفسدة
    فالفراغ أو البطالة لا يتناسبان مع شريحة عمرية ممتلئة بالحيوية والنشاط والاندفاع وحبّ الحياة . قد ينسجمان مع الشيوخ والمتقاعدين ، أمّا الشاب مثلك الذي يحبّ أن يعمل ويبدع وينتج ، فالفراغ قاتل بالنسبة له ، ولذا فهو قد يملأُه بالسلبيّ إذا لم يُملأ بالايجابي((4)) .
    وبالدراسة أيضاً ثبت أنّ البطالة أو الفراغ كان سبباً للعديد من الجرائم والجُنح والجنايات والانحرافات خاصّة إذا لم يكن الشاب أو الفتاة من ذوي المهارات أو المواهب أو الاهتمامات الثقافية والعلمية والرياضية .
    6 ـ قرنـاء السُّـوء :
    وهم الأصحاب الذين يُمثّلون دور المزيّن للانحراف والمرغّب والمغري به ، أي أ نّهم شياطين يوسوسون بالمعصية وتجاوز الحدود وارتكاب الجرائم ويصوّرون ذلك على انّه متعة خاصّة ، أو شجاعة نادرة أو مفخرة ، وقد ينصّبون من أنفسهم (فقهاء) لزملائهم فيفتون بغير علم ، ويقولون لك إن هذا أمر مقبول وكلّ الناس تفعله ولا حرمة فيه وأ نّهم يتحمّلون خطاياك ، بل ويتطوعون للردّ على إشكالاتك الشرعية التي تدور في ذهنك لتُقبل على العمل الشرير وأنت مرتاح الضمير !
    إنّ دور قرناء السوء ـ في مجمل الانحرافات التي يتعرّض لها الشبان والفتيات ـ خطير جدّاً ، وما لم ينتبه الشاب أو الفتاة إلى تسويلات وتزيينات قرناء السوء فإنّه سينخرط في الانحراف ليقوّيه ، وبالتالي ، فإنّه وأمثاله من المُستدرَجين يحولون الأفراد إلى (عصابة) وأعمالهم إلى (جرائم) .
    وكما يزينون السوء في الجريمة ، يزينون الانحراف في العبادة ، باهمال الطاعات والعبادات ، فيأتون إلى المستحبات ويقولون لك إنّها ليست واجبة ويكفيك القيام بما هو واجب ، حتى إذا تركت المستحبّات
    جاؤوا إلى الواجبات وقالوا لك إن تأخيرها ساعة أو ساعتين لا يضرّ ، وهكذا بالتدريج حتى تضمحل روحك ويفتر اهتمامك ويبرد تعاطيك مع الصلاة ومع غيرها : (يا ويلتى ليتني لم أتّخذ فلاناً خليلاً * لقد أضلّني عن الذِّكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا )(5) .
    7 ـ الكتابات المنحرفة :
    دوافع الانحراف وأسبابه ـ كما قلنا ـ كثيرة ، وقد لا يلعب عامل واحد دوراً متفرداً في انحراف الشباب ، بل تلتقي عدّة عوامل لتخلق حالة الانحراف .
    فالكتابات المنحرفة التي تنهج نهجاً خرافياً أو تغريبياً أو تخريبياً في تصوير العلاقة بين الجنسين على أنّها الحرية الشخصية والتمتع بمباهج الحياة ، والتي تطرح صورة الشاب العدواني العنيف على أ نّه (البطل) الذي يهابه الآخرون ، والشاب المسترسل مع شهواته ونزواته وأطماعه على أ نّه الشاب العصريّ المثاليّ ، والفتاة التي تنتقل بين الأحضان على أنّها منفتحة وتمارس حياتها كما يحلو لها من غير قيود ..
    هذه الكتابات فاسدة مفسدة ، وضالّة مضلّة ، أي أنّها منحرفة بذاتها وتشجّع على الانحراف أيضاً . فلقد ذكرنا في البداية أنّ لكلّ انسان خط سير ، وأنت كانسان مسلم لك خط سيرك الخاصّ ، وأمثال هذه الكتابات المنحرفة لا يهدأ لها بال حتى تجعلك تنحرف ثمّ تتوجه إلى غيرك .
    وبعض الكتّاب يبعدك عن الدين بتصويره صوراً بشعة مقرفة مقزّزة ينبو عنها الذوق ويمجّها الطبع ، فمنهم مَنْ يرى أ نّه ترويج للخرافات والأساطير . ومنهم مَنْ يقول انّه مخدّر يغرّر به البسطاء والضعفاء ، ومنهم مَنْ يصف المتدينين والمتدينات بأ نّهم مرضى نفسيّون ، وإنّ علماء الدين تجّار وأصحاب مطامع ومصالح ذاتية ، وإنّ الدين هو هذه القشور التي يدفعون من أجلها الأموال حتى يعشعش الجهل والتخلّف في صفوف الشباب .
    كلّ ذلك لدقّ الأسفين بين أبناء الأمّة من الشبان والفتيات وبين رموز الوعي ، وعلماء الدين والشريعة ، والشخصيات الهادية إلى الطريق ، وتسأل : مَن المستفيد ؟ فلا تجد إلاّ أعداء الأمّة .
    8 ـ الجـهل :
    الجهلُ طامّة كبرى ، والشابّ الجاهل الذي لا يعرف كيف يبدأ ؟ وكيف يسير ؟ وإلى أين ينتهي ؟ كالأعمى يقوده جهله إلى المهالك والمزالق والانحرافات وهو لا يدري أ نّه يسير سيراً عشوائياً ، وأ نّه يقع في المطبّ أو الحفرة ذاتها عدّة مرّات ، وأ نّه قابل للإغواء والاستدراج والتغرير والخداع ببساطة .
    والجهل يأتي ليس من ضعف الجانب الثقافي فحسب ، بل من هشاشة التجربة في الحياة ، وأحياناً من عدم الاستفادة من التجارب ، فقد يكون للجاهل تجاربه لكنّه يرتطم بالمشاكل المتماثلة مراراً لأ نّه ساذج ومغفّل وسطحي جدّاً ، وقد لا ينتبه إلى انحرافه إلاّ مؤخراً ، أي بعد أن يكون قد دفع ضريبة جهله ثمناً باهضاً ، سجناً ، أو طرداً من البيت ، أو هجراناً من قبل الأصدقاء ، وبكلمة أخرى يصبح منبوذاً اجتماعياً يتبرّأ أهله وأصحابه منه .
    9 ـ الفقر الشديد والثراء الشديد :
    وقد يبدو هذا العامل متناقضاً لأوّل وهلة ، لكن هذه هي الحقيقة ، فلكلّ من الفقير المدقع الفقر ، والثري الفاحش الثراء انحرافاته . فإذا كان الفقر يدفع إلى السرقة والحسد والحقد والانتقام من المجتمع ، فإنّ الثراء الشديد يدعو إلى الميوعة والمجون والاستغراق في اللهو والملذات والشهوات والتبذير .
    إنّ استعجال بعض الشبان والفتيات الثراء قد يجعلهم ينحرفون في سبيل تحقيق أحلامهم ، ويسلكون طرقاً معوجة لنيل مآربهم ، وقد يحققون بعض ذلك لكنهم ـ إذا قدّر لهم أن يراجعوا أنفسهم وحساباتهم ـ فإنّهم سيجدون أن ما تكبّدوه من خسائر أكثر مما جنوه من أرباح ، هذا إذا صحّت تسمية ما نالوه بالطرق المنحرفة أرباحاً !
    10 ـ الحرية اللاّمسؤوله :
    تحت شعار الحرية هوى كثير من الشبان والفتيات في وديان الانحراف . لم يكن ثمة تمييز بين الحريّة المسؤولة وبين الحريّة غير الملتزمة أو المنضبطة بضوابط معيّنة . فليس من الحريّة في شيء أن أترك لشهواتي الحبل على الغارب ، وليس من الحريّة أن أبيع عزّتي وكرامتي أو أذلّ نفسي ، وليس من الحريّة أن أتكلّم بالسوء على مَنْ أشاء ، ولا من الحريّة أن أخرج كفتاة نصف عارية إلى المجتمع .
    حريّتنا في الاسلام تستبطن المسؤولية ، فما دمت حرّاً أنت مسؤول وتتحمل تبعات أعمالك ، وتراعي قانون الشريعة وخط السير ، وإلاّ فأيّ انفلات أو انحراف أو خروج على ذلك يعني انتهاكاً للقانون وإساءة للحريّة .
    إنّ الشاب الذي يصمّ سمعه ولا يريد الاستماع إلى النقد أو النصيحة أو المحاسبة بحجّة أ نّه حرّ ، والفتاة التي لا تراعي ضوابط العفّة والاحتشام بذريعة أنّها حرّة ، والشباب الذين يمارسون بعض المنكرات التي تسيء إلى العادات والتقاليد بدعوى أ نّهم أحرار ، هؤلاء يسيئون للحريّة من حيث لا يشعرون ، وكم جرف الانحراف شباناً وفتيات إلى أحضان الرذيلة والجريمة واللصوصية والإدمان والمسوّغ هو الحريّة السائبة التي جنت على أبنائها من المسلمين يوم لم يتعظوا بما جرّته على أمثالهم من الشباب في الغرب .
    11 ـ نقص التجربة وغياب المعايير :
    المنحرفُ ـ شاباً كان أن فتاة ـ قد يقع في الانحراف لأنّ الأمور تختلط لديه ، فلا يمتلك القدرة على التشخيص أو الفرز بين ما هو صواب وما هو خطأ ، وما هو خير وما هو شرّ ، وما هو حسن وما هو قبيح . وإذا أضيف إلى ذلك أنّ بعض الشبان والفتيات يستنكفون من استشارة أهل العلم والخبرة والتجربة بما في ذلك الوالدين أو الأصدقاء المخلصين ، ازداد الطين بلّة .
    الجهل ، والغرور ، وضعف الحس الاجتماعي هي التي تسبب حالة
    الاختلاط هذه ، والأهم من ذلك الجهل بالشريعة الاسلامية ، فقد ترى بعض الشبّان يمارسون الحرام ويظنّونه حلالاً ، ويقترفون الجرائم ويحسبونها فتوّة ، وينفلتون من الضوابط ويقولون إنّها حريّة .
    اختلاط المفاهيم ، إذا اجتمع مع نقص التجربة ، نتج عنه ضحايا للخداع والتغرير والحيل والشعارات ، وأمّا إذا كان المجتمع الذي يعيش فيه الشاب منحرفاً أو يشجّع على الانحراف ويشيعه فإن مستوى المناعة يهبط إلى الصفر بحيث يصبح الانحراف هو القاعدة العامّة والشواذ هم الذين يسيرون على الخط المستقيم .


    كيف نعالج الانحراف
    ملاحظات:
    1- الانحراف ليس قدراً، وكل الذين قالوا بالقدرية كانوا يبررون للحكام الظلم، ويرفعون عن أنفسهم عذاب الضمير وتأنيبه جراء أعمالهم الفاسدة، وكانوا يعينون الظلمة على إسكات الشرفاء والمؤمنين عن مقاومة الفساد والظلم المتفشي في المجتمعات الطاغوتية..
    2- إن أفضل علاج هو الوقاية من المرض، والمبادرة قبل انتشاره وتفشيه في المجتمع، ومعالجة نقاط الضعف والثغرات التي ينفذ من خلالها الانحراف إلى المجتمع..
    فالاهتمام بالتربية الصالحة تبعد المجتمع عن الانحراف.. والاهتمام بمسائل الحلال والحرام وتعلمها يقي المجتمع من الخطايا.. وتوفير الأرضية الصالحة للنشء، وتطور المجتمع يمنع الرذائل والموبقات.. وتوفير العيش الكريم للناس يبعدهم عن التفكير في الحرام والمعاصي..
    خطوات العلاج المقترحة
    1- التوجه المباشر لمعالجة الأسباب وليس النتائج، لأن أغلب الناس الذين ينحرفون إنما تدفعهم الحاجة للانحراف، سواء كانت هذه الحاجة فقراً أو ظلماً أو ما شابه، أما الذين ينحرفون من دون وجود حاجة فهم قليلون، وهم أئمة الكفر: الذين ليس لهم في انحرافهم حاجة إلا إضلال الناس وإبعادهم عن الجادة كما يفعل إبليس، ولذلك فلابد من معالجة السبب وليس النتائج، ومعرفة أن هذا الانحراف هل هو ناتج عن حاجة مشروعة تنتهي بتلبيتها، أم لخبث في نفس الإنسان والعياذ بالله؟!!
    ولابد من العمل على إصلاح المنحرف بمساعدته لحل مشاكله، فأمير المؤمنين(ع) زوّج مومساً حتى يصلحها، وجميع الأئمة كانوا يعطون من الحقوق ومن أموالهم الخاصة للفقراء والمساكين لحل مشاكلهم..
    2- العمل على نقل المنحرف من الوضع الذي هو فيه إلى وضع أفضل، عن طريق معالجة الفراغ والبطالة بتوفير العمل والوظيفة، وإبعاد الإنسان عن البيئة غير الجيدة بنقله إلى بيئة صالحة، وهكذا..
    3- استخدام العقوبة عندما تكون ضرورة للردع، وفي الإسلام يشترط لمعاقبة المجرم أمور منها:
    - ثبوت الجريمة بالوسائل الشرعية والقانونية..
    - استحقاق المجرم للعقاب (من حيث البلوغ، التكليف، الاختيار، وعدم الاضطرار، وما شابه).
    - ثبوت خرق المجرم لقانون صلاح المجتمع (فساحر المسلمين يقتل وساحر الكفار لا يقتل، والمسلم الملي لا يقضي فواته بينما المسلم الفطري يقضيه، والسارق في المخمصة لا تقطع يده، وهكذا).
    - مراعاة المصلحة ودراسة جدوائية العقاب، وهل هو أفضل أم العفو؟ لقد عفا أمير المؤمنين عن سارق لحفظه سورة البقرة، وكان (ع) يسوف الزانية – في القصة المشهورة – عندما أرادت التطهير لعلها تتوب وتكتفي..
    - أن لا يكون المعاقب ممن يرتكب نفس الأخطاء، فالمسيح عيسى بن مريم(ع) قال لأصحابه عندما أرادوا أن يرجموا الزانية: من كان منكم بلا خطيئة فليرجمها بحجر..
    وأمير المؤمنين (ع) قال: (لا يقيم الحد من عليه حد).
    4- العمل الجدي لإصلاح المجتمع الصغير (المدرسة والعائلة).
    5- نشر الثقافة السليمة والرصينة والملتزمة، ثقافة البناء والتطور، ثقافة التغيير إلى الأفضل، ثقافة الدين والدنيا، ثقافة النبي محمد (ص) وآل بيته الأطهار(ع).
    6- بناء الأرضية الإيمانية في نفوس الناس، وتعليمهم على الفضيلة والأخلاق وخاصة النشء..
    7- المساواة بين الناس وإتاحة الفرص للجميع..
    8- إشراك الناس في إدارة شؤونهم وعدم احتكار السلطة من قبل أي أحد..






    سبل الحماية من الانحراف

    نحتاج في توفير الحماية للشباب من الانحراف أن نجيب على سؤالين :
    أوّلاً : ما هي الطرق التي نسلكها لتأمين هذه الحماية ؟
    ثانياً : الحماية مسؤولية مَنْ ؟
    أوّلاً : سبل تأمين الحماية
    1 ـ إيجاد فرص عمل متكافئة : فلا يمكن التخلّص من شرور الفراغ والبطالة التي يعاني منها الشباب إلاّ بإتاحة المجال للطاقات الشابة أن تأخذ موقعها على خريطة العمل والإنتاج ، فلقد ثبت أنّ الشبان العاملين أقلّ تعرّضاً للإصابة بالانحراف بسبب استغراقهم في أعمالهم التي ترفع من إحساسهم الإيجابي بشخصياتهم واستقلالهم المالي ، وتغلق المنافذ التي تتسرب منها الخواطر الشيطانية التي تغري بالانحراف والتجاوب مع أجوائه ومع المتعاطفين معه أو الذائبين فيه .
    2 ـ الابتعاد ما أمكن عن الأجواء الفاسدة أو الداعية إلى الفساد : إنّ مقولة «مَنْ حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه» مقولة مستوحاة من معرفة بالطبيعة الإنسانية الميّالة إلى الانحراف (إنّ النفس لأمّارة بالسُّوء إلاّ ما رحم ربِّي )(1) وهي تنظر إلى لبّ المشكلة ، فالذي يعيش في أجواء تفوح منها الروائح النتنة قد يقرف منها ابتداء ، ثمّ إذا طال تردده عليها زال القرف شيئاً فشيئاً ، وربّما في وقت لاحق لا يرى الشاب الذي زلّت قدمه أن تلك الروائح نتنة بعد ما يكون أنفه قد تشبّع منها .
    إنّ الابتعاد عن الأجواء المنحرفة أو المشجّعة على الانحراف لا يكفي وحده في حماية الشباب من الانحراف إذ لا بدّ إلى جانبه من لقاحات المناعة الإيمانية التي توفرها (الأجواء البديلة الصالحة) التي تملأ الفراغ النفسي والعقلي والروحي لدى الشاب .
    وعلى هذا فإنّ اختيار البيئة المناسبة للسكن ـ إن كان ذلك ممكناً وميسوراً ـ سيجنّب الأبناء والفتيات الكثير من احتمالات الوقوع في الانحراف . كما أنّ اختيار الأصدقاء الصالحين الثقات الذين يعيشون الطهارة الروحية والصدق والإخلاص سيكون صمام أمان كبيراً ضدّ الانحراف بما يعرّفون أصدقاءهم من عيوبهم ، وما يبذلونه من جهد في مكافحة انحرافهم وما يقدمونه من قدوة حسنة من أنفسهم وسلوكهم القويم .
    3 ـ التفقّه في الدين : ولا نعني به وعي الشريعة الاسلامية في مسائل الحلال والحرام فقط ، وإن كان ذلك من صمامات الأمان المهمّة أيضاً ، ولكنّه معرفة بكلّ معالم الطريق عقيدة وشريعة ومنهاجاً .
    إن استحضار الشاب لله تعالى في أعماله كلّها ومعرفته «إنّ الشاهد هو الحاكم» و «إنّ الناقد بصير» و «لا تنظر إلى المعصية ولكن اُنظر إلى مَنْ عصيت» وأن تكون أحكام الشريعة أجراساً ومنبهات توقظه إذا غفل ، وتعيده إلى خط السير إذا انحرفت عربته عن المسار ، وأن يعرف أنّ الذئب إنّما يأكل من الغنم القاصية لأ نّها شذّت وانحرفت وانفصلت عن الجماعة الصالحة التي توفر لها الحماية .
    وإن وعي الشاب لدوره في الحياة ، ولما أراده الله منه ، ولما ينتظره اسلامه ومجتمعه والمستقبل منه ليس خارجاً عن التفقّه في الدين وتوفير سياج يحمي من الانحراف .
    4 ـ تفعيل دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : بأن تتحول هذه الفريضة العظيمة إلى حالة من (الرقابة الاجتماعية) التي توفّر أرضية التحصين من الانحراف . فالشاب المنحرف الذي يلقى صدوداً من أهله وأصدقائه وزملائه وأقربائه سيجد نفسه محاصراً ، وأنّ شعوره بأ نّه منبوذ سيضغط عليه لمراجعة مواقفه ، وهذا هو دور النهي عن المنكر .
    وفي موازاة ذلك ، إذا وجد مَنْ يحتضنه ويرعاه ويوجهه التوجيه الصحيح ويأخذ بيده برفق وأناة كما يفعل الطبيب مع مريضه ، فإن احتمالات الشفاء من الانحراف ستكون كبيرة ، ذلك أن ترك المريض يكابد مرضه قد يفتك به ، وهذا هو دور الأمر بالمعروف .
    ولا نغالي إذا قلنا إنّ إسقاط دور هاتين الفريضتين من التعامل الاجتماعي اليومي ، أو من برنامج الانسان المسلم والتزامه الصمت واللاّ أبالية ، هو الذي أسفر عن هذه القائمة الطويلة من الانحرافات حتى بات المنكر معروفاً والمعروف منكراً .
    وكما أنّ الأسرة والمدرسة بحاجة إلى إعادة اعتبار ، لا بدّ أيضاً من إعادة اعتبار لهاتين الفريضتين المتكاملتين اللتين تبشران بالايجابي وتجذّرانه ، وتنذران من مساوئ السلبي وتقمعانه ، فما دبّ الانحراف في صفوف الشباب والفتيات ـ وغيرهم من الشرائح الاجتماعية ـ إلاّ بعد أن تخلّينا عن تفعيل دور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واعتبارهما أعظم العبادات كلّها ، ذلك أ نّك كشاب لا بدّ أن تعرف أنّ غاية العبادات هو الوصول إلى مستوى العمل بهاتين الآليتين في تحجيم المنكر وحصره في أضيق نطاق وتجفيف منابعه وموارده ، وإفساح المجال للمعروف بأن يسود .
    5 ـ تكثير عدد القدوات في المجتمع : لا يكفي في سبيل دفع الانحراف وتحذير الشباب منه أن نقدّم مواعظ طويلة عريضة ، فالأب القدوة ضمانة أكيدة لابنه ضدّ الانحراف ، والأم النموذج الصالح حارس لابنتها من الوقوع في الانحراف . والعالم العامل المتقي الورع صمام أمان لشرائح واسعة من الناس ، والمعلّم المربّي الذي علّم نفسه أوّلاً وربّاها خشبة إنقاذ بما يغرسه في نفوس النشء ـ شباناً وفتيات ـ من معاني وقيم الصلاح والاستقامة .
    إنّ لغة القدوة أبلغ في التعبير من لغة الخطاب المجرّد «كونوا دعاة للناس بغير ألسنتكم حتى يروا منكم الورع والاجتهاد والتقوى ، فذلك داعية» .
    8 ـ تحديد المعايير والمصطلحات بوضوح : قيل لحكيم الصين الشهير (كونفوشيوس): ما هو أوّل شيء تعمله إذا أصبحت امبراطوراً للصين ؟ قال : أطلب من الناس أن يحدّدوا معاني الكلمات ! وهذه اللفتة الحكيمة من هذا الحكيم لم تُراعَ لحدّ الآن ، فالناس في اختلاف وصراع حول المراد بالمصطلحات المتداولة .
    فالشرف كلمة رجراجة .. والعيب يجتهد العرف في تحديد معناه ، والحسن والقبيح ذوق اجتماعي يختلف من مجتمع إلى آخر .. وهكذا ، الأمر الذي يجعل المعيار أو المرجعية غائبة . فإلى ماذا نحتكم إذا اختلفنا كشباب
    بالطبع إلى المعيار الصحيح المتفق عليه وهو القرآن والسنّة المطهرة وما يقول به علماء الأمّة المعروفون بوعيهم للأمور وإلى عقولنا التي جعلها الله منارات هدى .
    فإذا غاب المعيار أو غيّبه الناس ، أو اختلط وتعدّد وتشابه على الشباب أو كان شأناً مزاجياً أو اجتهادياً ، فإنّ الانحراف يدبّ للجهل بمعاني العفّة والتقوى والطاعة والولاء والانتماء والطيب والخبيث والأصيل والدخيل والخطأ والصواب .
    9 ـ الاهتمام ببناء شخصيات شبابية قويّة وواعية : إنّ الدوائر المسؤولة عن بناء وتربية الشباب معنية بتركيز مقومات الشخصية الاسلامية ، وتعميق الإحساس بالوازع الديني ، أو ما يسمّى بـ (الضمير) أو التقوى ، والتعريف بما هو إيجابي ، ذلك أن من الأمور التي تجعل الانحراف معزولاً ومحشوراً في زاوية ضيّقة وغريباً ، هو أن نزرع إلى جانبه أشجار الخير والمحبّة والتعاون والاستقامة حتى ليبدو لعيني الشباب الفارق الكبير بينها وبين أشجار الانحراف المائلة والصفراء والموخزة بشوكها والعارية من الثمار والأزهار .
    10 ـ إتاحة المجال للزواج بشروط ميسّرة : لقد تأكّد أنّ التعقيد في شروط الزواج وارتفاع تكاليفه الباهضة سواء غلاء المهور أو الشروط التعجيزية التي ما أنزل الله بها من سلطان ، هي التي جعلت الكثير من الشبان والفتيات يلجأون إلى الطرق غير الشرعية للتنفيس عن رغباتهم الجنسية .
    ولذا فإنّ الزواج المبكر إذا توفرت إمكاناته ، والزواج الجماعي الذي يقلّص حجم النفقات ، وتأسيس الصناديق الخيرية التي تيسّر السبيل إلى بناء البيوت السعيدة ، أو المصارف التي تقدم القروض والسلف للراغبين بالزواج أو حديثي العهد بالزواج بشروط ميسّرة وأقساط مريحة ، كل ذلك يساهم في التخفيف من وطأة الانحراف وسد منافذه .
    11 ـ فتح أبواب التفاؤل والرحمة : إنّ الشاب المنحرف أو الفتاة المنحرفة أشدّ ما يكونان حاجة إلى القلوب الرحيمة المتفهّمة لظروفهما وأسباب انزلاقهما ، وايجاد المخارج التي يمكن أن يهربوا من انحرافهم من خلالها .
    وعلى المربين أن يتعلّموا لغة الخطاب القرآني مع المنحرفين ويخاطبوهم بمثلها (قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا
    من رحمة الله إنّ الله يغفر الذنوب جميعاً )(2) وهي لغة (إنّ الله غفور رحيم) و (توّاب رحيم) و (رحمتي وسعت كلّ شيء) أي لغة أنّ المنحرفين ليسوا مرفوضين تماماً ، فأبواب الصفح والمسامحة مفتوحة و (مَنْ تاب تاب الله عليه) .. المهم أن لا يبقى الشاب المنحرف مصرّاً على انحرافه مأخوذاً بالعزّة بالإثم .
    ثانياً : مسؤولية الحماية في عاتق مَنْ ؟
    صلاح الأفراد من صلاح المجتمع ، كما أنّ صلاح المجتمع من صلاح أفراده ، فصلاح كلّ منهما ينعكس على الآخر ، فالمجتمعات الآمنة المطمئنة التي تقلّ فيها حالات الانحراف ، ولا نقول تنعدم فليس هناك مجتمع ملائكي على وجه الأرض كلّها ، هذه المجتمعات تنتج أفراداً صلحاء ، كما أنّ الأفراد الصالحين يقوّون بدورهم النهج الإصلاحي في المجتمع بما يشيعونه من سلوك نظيف يحدّ بدوره من قذارة الانحراف ، ويجعل المنحرف متردداً في فعل يفعله ، وقد يمارسه بعيداً عن مرأى الناس وسمعهم ، وإذا حصر الانحراف أو المنكر في الدائرة الضيقة سهلت السيطرة عليه وتطويقه((3)) .
    وبناءً على ذلك ، فإن مسؤولية مكافحة الانحراف وحماية الشباب منه مسؤولية تضامنية تنهض بها الجهات والمؤسسات التالية :
    1 ـ الأسرة : الأسرة المحضن الأوّل للشاب وللفتاة على حدّ سواء ، وعلى مدى التربية التي يتلقاها كلّ منهما في صغره يتحدّد مستقبلهما . فإذا حظيا بأسرة صالحة رجح أن يكونوا صلحاء ، والعكس صحيح .
    وقد تلعب عوامل خارجية كثيرة دورها في انحراف الشباب والفتيات ، لكن يبقى دور العامل الأسري في الحماية والوقاية والصيانة من أهم العوامل على الاطلاق : (قُوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة )(4) .
    الأسرة هي الحجر الأساس في البناء التربويّ ، وكلّما كان متيناً أمكن التنبؤ بمستقبل يبشِّر بالخير والصلاح ، وبخلافه إذا كان هشّاً فإنّه لا يصمد أمام الضغوط والتحدّيات ، وحينها لا بدّ من جهود ذاتية استثنائية كبيرة يبذلها الشاب حتى يعوّض حرمانه من ذلك البناء ببناء آخر متين وهو (الدين) .
    إنّ الأمّ التي تسمح لابنتها أن تطل على ضيوف أبيها وهي شبه عارية ، والأب الذي يطلب من ابنته أن ترقص وتغني أمام ضيوفه ، والأبوين اللذين لا يعارضان زيارة الأصدقاء الشباب لبيوتهم دون مراعاة لوضع بناتهم ، والأب الذي يبتسم بفخر لابنه الذي استطاع أن يحتال على شخص فيغلبه ويعتبر ذلك سمة من سمات رجولته ، هؤلاء إنّما يدفعون أبناءهم وبناتهم بكلتا يديهم إلى الانحراف .
    أمّا الأبوان اللذان يحتاطان ويحترزان ويقدّران مخاطر أمثال هذه التصرفات في الحاضر والمستقبل ، وإذا رأيا أنّ البيئة التي تعيش الأسرة فيها موبوءة أو ملوّثة ومحفّزة على الانحراف ، عمدا إلى تغيير محل السكن حفاظاً على سلامة الأبناء والبنات ، واللذان يقدمان التربية بشقيها المباشرة بالموعظة والحكمة ، وغير المباشرة بأن يكونا قدوة لأبنائهما وبناتهما ، إنّما يتصرفان بوحي المسؤولية الاجتماعية والدينية ، ذلك أنّ الأسرة التي (تراقب) و (تحاسب) و (تخاطب) و (تشاور) الأبناء والبنات وتستخدم لغة الحوار والإقناع ستقلل ـ إذا لم تقطع نهائياً ـ احتمالات الانحراف .
    2 ـ المراكز التعليمية والتربوية : المدارس والمعاهد والمراكز التعليمية والتربوية الأخرى هي البيوت الثانية للشبان والفتيات ، ولعلك تشترك معنا في الرأي إذا قلنا أنّ (المعلم) إذا كان مربياً مخلصاً ، نجح في انتشال الأجيال من براثن الانحراف .
    فقد يفتقد الشباب القدوة في بيوتهم لكنّهم يجدونها في مدارسهم ، فإذا تمسّكوا بها ولم يتأثروا بالأجواء البيتية فقد اجتازوا عقبة كبيرة وأمنوا من تبعات الانحراف .
    ولذا فإنّ رسالة التربية التي يجب أن تضطلع بها مدارسنا الاسلامية يجب أن تتقدّم على رسالة التعليم ، أو لنقل انّها ينبغي أن تسير بشكل متواز معها وأن لا تتخلّف عنها ، فربّ كلمة من معلم أو معلمة تهدي شاباً أو فتاة وتنقذهما من الوقوع في هاوية لا قرار لها .
    دور المعلم الذي ينظر إلى التلميذ على أ نّه ابنه الثاني ويتابعه ويرشده ويهديه ويسدّده ويقوم سلوكه قد يفوق دور الوالدين في بعض الأحيان . أمّا إذا تظافرت الجهود التربوية وانضمّ الجهد الأسري إلى الجهد المدرسي فإن ذراعين رحيمين سيحتضنان الجيل .
    3 ـ علماء الدين والمؤسسات الدينية : المراجع والعلماء والفقهاء هم آباء الأمّة والمشرفون على خط سيرها والمسدّدون لخطاها ، ودورهم في حماية الشباب من الانحراف يتمثل في التثقيف المباشر
    بالاسلام ، أو تشكيل لجان ومؤسسات تربوية مسؤولة ترعى هذه الشريحة وتومّن لها سبل الحماية ، وتشعر أبناءها من كلا الجنسين أ نّهم محطّ عنايتها ومحبّتها واحتضانها الأبويّ .
    وللمؤسسات الدينية والحوزات العلمية دورها المساند في تحصين الشباب ضدّ التحديات الثقافية والفكرية والسلوكية سواء بالتعريف بالاسلام بوجهه الصحيح وبأساليب عصرية مشوقة ، أو بتقديم الحلول المناسبة لمشكلات الشباب الدينية والاجتماعية والنفسية برؤية معاصرة تخلق لغة تفاهم مشتركة بين هذه المؤسسات وبين الشباب .
    هناك فراغ واضح وملحوظ يعاني منه الشبان والفتيات في المكتبة الاسلامية الشبابية ، فلا تزال نادرةً الكتب التي تهتم بقضايا وهموم وشؤون ومشاكل وآمال الشباب ، فلا بدّ من توجيه العناية إلى أن يتخصّص بعض الروائيين والروائيات بطرح ذلك كلّه بلغة أدبية شفافة ونظيفة .
    إن عدم نزول الكثير من علماء الدين إلى الميدان الشبابي أوجد هوّة أو غربة بين الإثنين حرمت الشباب من الأفكار والمفاهيم والأساليب التي يمكن أن تحصّنهم وتبني شخصياتهم بناءً متيناً .
    وردم الفجوة يحتاج إلى فتح قنوات حوار ، وإعادة نظر في الأساليب التبليغية والدعوية والإرشادية التقليدية ، فالكثير منها بات منفّراً ، أو في الأقل لم يعد صالحاً للزمن الذي يعيشه الشاب فلا يستهويه ، خاصة إذا عقد مقارنة بين أساليب التربية والتوعية الحديثة
    ذات الطرح العلميّ الذي يعالج المشاكل معالجة موضوعية تجيب على ما يدور في أذهان الشباب من أسئلة أياً كان نوعها ، وبين أساليب التوعية الدينية التي ما زالت تراوح مكانها إلاّ ما ندر .
    4 ـ الكتّاب والأدباء والمثقفون : ما لم تتوجه عناية الكتّاب والأدباء والمثقفين الاسلاميين إلى الشباب ، ويتخصّص بعضهم في دراسة أسباب ومظاهر وآثار وطرق معالجة الانحراف ، ووضع خطّة شاملة في بناء الوعي الاسلامي فكراً وأدباً وثقافة ، فإنّ الشباب إمّا أن يلجأوا إلى كتابات غير منسجمة مع هويتهم ، وإمّا أن يعيشوا الفراغ الذي ألمحنا إليه .
    إنّ الدراسات الميدانية واستطلاعات الرأي ، والبحوث والدراسات الشبابية ، التي تضطلع بها جهات معيّنة متخصصة لا تكافح الانحراف فحسب ، بل تقدم البدائل الصالحة للتربية مسؤولية مشتركة لا ينهض بها إلاّ مَنْ يحمل رسالة قلمه وأمانة الجيل الذي ينتظر عطاءه .
    5 ـ الثقافة الإصلاحية : ثمة أسلوب معاصر في المعالجة على
    المستوى التثقيفي يُطرح على شكل منشورات ملوّنة ومصوّرة وصغيرة ، تناقش كل نشرة مشكلة انحرافية محددة وبشكل مكثف ، أي إنّها تجيب على أسئلة محددة ، فيمكن لنشرة من هذه النشرات أن
    تعالج ظاهرة التدخين بين الشباب والفتيات ، وتتساءل : ما هي مضار التدخين ، وكيف تجتنبه ؟
    هذه النشرات أشبه شيء بالمنشورات الصحّية التي تعالج مرضاً معيناً وبمستوى ما يصطلح عليه بـ (الثقافة الشعبية أو الجماهيرية) أي الثقافة التي تقدم وجبة سريعة من المعلومات المنقّطة والمضغوطة والنافعة كأوليات في التثقيف بالمرض وبسبل معالجته .
    6 ـ مواقع الشبكة المعلوماتية الخاصّة بالشباب : تتولّى هذه المواقع الشبابية مسؤولية جسيمة في رصد الظواهر الانحرافية وطرحها على صفحات مواقعها الشبابية والنسوية ، ذلك أنّ الأنظار اليوم متجهة إلى هذا الاختراع الذي يشدّ الانتباه ويسترق الكثير من الوقت وينافس العديد من وسائل التثقيف التقليدية .
    فدور المواقع الشبابية هو جزء لا يتجزأ من رسالتها أن توجد حالة من التثقيف الأوسع بالظاهرة الانحرافية وطرق تفاديها ، سواء باستشارة أخصائيين أو باجراء استطلاعات للرأي ، أو بالردّ على أسئلة الشباب بأبوابها المختلفة ، أو إدارة الحوارات التي يشرف عليها مختصون للخروج بأفضل الصيغ وأنسب الحلول .
    7 ـ الخـطباء : وهم أئمة المساجد والجوامع والجماعة والجمعة والذين يعتلون المنابر والمنصّات للوعظ والإرشاد الديني وإحياء المناسبات الاسلامية ، بل حتى الذين يمارسون مهمات التبليغ والدعوة الاسلامية ، حيث إنّهم معنيون برصد الظواهر ا

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 4:53 am